هل من مصلحة رواد الاعمال السعي الى تقييم مرتفع ام منخفض لشركته الناشئة في المراحل المبكرة؟

مثل أغلب مجال ريادة الأعمال، يعتبر تقييم الشركات الخاصة جزء علم وجزء فن. باختصار، تقييم الشركة هو توقعنا لمسار الشركة مستقبليًا. ومادام الأمر مبني على التوقعات، سيكون تقييم الشركة محل للتفاوض. ربما يرى المستثمر أن توقعاتك مرتفعة أو منخفضة عن ما يظنه منطقي، ويقترح تعديلًا يغير من تقييم شركتك بشكل كبير.

وبأخذ ذلك في عين الإعتبار، عليك التفكير بحذر إذا كنت تريد رفع أو خفض تقييم شركتك أثناء الحصول على تمويل. بالطبع من البديهي أن تطلب أعلى تقييم ممكن، ففي نهاية الأمر أنت تبيع جزء من شركتك وبطبيعة الحال ستفضل تسعيرها بأعلى رقم ممكن. ولكن بعد حساب ما سيترتب على تقييمك العلي مستقبليًا، ربما ترى الأمر بنظرة مختلفة.

“رغبتك في زيادة أو نقص تقييم شركتك أثناء الحصول على تمويل من الأفضل
أن تعتمد على استراتيجيتك للشركة على المدى الطويل”

في هذه المقالة سنلقي نظرة سريعة على أكثر العوامل المتأثرة بزيادة أو نقص تقييم الشركة: توقعات المستثمرين من شركتك، وهيكل الملكية للشركة، والقدرة على جلب استثمار مستقبلي. يهتم مؤسسو الشركات والمستثمرون بهذه العوامل بشدة ويتعاملون بشكل مختلف في حال حدوث تغييرات فيها.

  1. التوقعات من الشركة

تقييم أعلى يعني بطبيعة الحال توقعات أكبر لأداء الشركة. عادة يكون التقييم المرتفع بسبب توقع أن الشركة ستكتسح السوق بأرقام مرتفعة، أو توقع أن القطاع الذي تنتمي إليه الشركة سيشهد نموًا غير طبيعي وستكبر معه الشركة. في كلا الأحوال، تقييم الشركة هو انعكاس على توقعنا منها.

“ببساطة على كلا من المستثمرين والمديرين استيعاب أن
الأرقام المحاسبية هي البداية وليست النهاية لتقييم الشركة” – وارين بافيت-

إذا وافق المستثمرون والمؤسسون على تقييم عالي، فعادة ما يؤدي ذلك إلى دفع المؤسسين لتطبيق استراتيجيات عنيفة كي يصلوا إلى الأهداف المتوقعة. حتى إذا كان أداء الشركة جيد جدًا أو أعلى من باقي الشركات المنافسة، ولكن سيظل المستثمرين غير راضيين عن الأداء ما دام أقل من المتوقع ومن تمويلهم للشركة.

لتجنب العمل في مثل هذا الضغط، على مؤسسوا الشركة الوصول لتقييم مناسب وواقعي. تحتاج الشركات الناشئة لبيئة من النمو الصحي طويل الأمد. ربما تعمل الاستراتيجيات العنيفة على المدى القصير، ولكن تبنيها على المدى الطويل قادر على إنهاء حياة الشركة. أيضًا توقع القليل من الشركة غير صحي وسيهدم الروح المعنوية داخل الشركة، وربما يمنعها من الوصول لإمكانياتها الحقيقية. المفتاح هنا هو بناء التوقعات والتقييم بنسبة تفاؤلية معقولة.

  1. هيكل الملكية

عادة ما يتم الاتفاق على حجم التمويل وتقييم الشركة بشكل منفصل، ويأتي تأثيرهما معًا على ملكية الشركة. ببساطة، في حالة أن حجم التمويل ثابت، فزيادة تقييم الشركة يقلل بشكل مباشر نسبة الملكية التي يشتريها المستثمر. ذلك هو السبب الذي يدفع المستثمر للمفاوضة في تقييم أقل للشركة.

بالنسبة للمؤسسين، فعملية التمويل تقلل من نسبة ملكيتهم من الشركة. في العادة يبدأ المؤسسون بـ 100% من حصة الشركة وتقل نسبة ملكيتهم تدريجيًا مع كل عملية تمويل. لذلك فمن الأفضل للمؤسس رفع تقييم الشركة كي يحتفظ بنسبة أكبر.

ولكن زيادة نسبة ملكيتك كمؤسس قدر الإمكان ليس دائمًا الحل الأفضل! هناك عامل اخر لا يمكن تجاهله. في الغالب يوفر لك المستثمرون الأفراد أو مسرعات الأعمال أو أنواع المستثمرين الأخرى دعمًا سواء في الفكر الاستراتيجي أو شبكة علاقاتهم. وعادة ما يبذلون قصارى جهدهم لأن شركتك جزء من استثماراتهم ومن مصلحتهم أن تنجح بعوائد ربحية هائلة. لذا كلما قلت نسبة ملكيتهم من الشركة كان الحافز للمساعدة أقل، وكمؤسس عليك التأكد من أنهم على علاقة جيدة بالشركة وجزء من فريقك.

سواء للمستثمر أو المؤسس، هدف من أهداف هيكل الملكية أن يعطي حافز كافي لكل شخص كي يبذل أقصى مجهوده من أجل نجاح الشركة الناشئة. الأمر ليس مختلف عن مرتبات والفوائد للموظفين. خاصة إذا أراد المؤسسون الاعتماد على دعم المستثمر الخاص بهم، ليس من الأفضل أن يتفاوضوا في أعلى تقييم ممكن.

  1. الإستثمارات المستقبلية

قبل أخذ قرار تقييم الشركة، من الأفضل أن تأخذ في عين الاعتبار خطتك المستقبلية للشركة. ربما تكون خطتك الحصول على تمويل اخر بعد نفاذ التمويل الحالي، أو أن تبيع شركتك في عملية استحواذ لشركة أكبر. كلا الخطتين يتأثرا بتقييم شركتك.

زيادة تقييم الشركة يترك متسعًا أفضل لتمويلات مستقبلية. فكما ذكرنا، كلما زاد التقييم احتفظ المؤسسون بنسبة أكبر من الشركة، ولذلك باستطاعتهم بيع أسهم أخرى من الشركة مستقبليًا. وبطبيعة الحال، يصرف المستثمرون المستقبليون نظرهم عن الشركة إذا حصل المستثمر الأول على نسبة كبيرة نتيجة لتقييم صغير للشركة، لأن المتبقي لهم جزء ضئيل من الشركة نسبيًا.

في المقابل، تقليل تقييم الشركة مناسب إذا كان هدفك الخروج بعملية استحواذ وليس تمويلات مستقبلية. تحديد سعر الشركة في مستوى معقول يسهل الأمر على المستحوذين المهتمين بشركتك.

أفكار ختامية

بالطبع من المغري كمؤسس أن تقبل أو تتفاوض على أعلى تقييم ممكن لشركتك، ذلك يعطي لك ولفريقك شعور بالجدارة تجاه الشركة وإسهامكم فيها، بالإضافة للتغطيات الإخبارية والفوائد التي يمكن جنيها منها.

ولكن ينبغي أن تتذكر أن هذا طريق واحد من طرق عدة. وبالطبع هو أمر عظيم على المدى القصير، وربما على المدى الطويل أيضًا. الفكرة هنا أن تتأكد من أن قرارك في التقييم متناسق مع أهدافك ورؤيتك للشركة المستقبلية، والتأكد أن المساهمين معك على نفس الصفحة.